من شعر أبي القاسم الشابي:
صفحة 1 من اصل 1
من شعر أبي القاسم الشابي:
[rtl] من شعر أبي القاسم الشابي[sup][1] [/sup] [/rtl]
[rtl]سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعداءِ كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّـاءِ[/rtl]
[rtl]أرْنُو إلى الشَّمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً بالسُّحْبِ والأَمطار والأَنـواءِ[/rtl]
[rtl]لا أرْمقُ الظِّلَّ الكئيبَ ولا أرَى مَا في قَـرارِ الهُوَّةِ السَّوداءِ[/rtl]
[rtl]وأَسيرُ في دُنيا المَشَاعرِ حالِماً غَرِداً وتلكَ سَعادةُ الشعَراءِ[/rtl]
[rtl]أُصْغي لمُوسيقى الحَياةِ وَوَحْيِها وأذيبُ روحَ الكَوْنِ في إنْشَائي[/rtl]
[rtl]وأُصيخُ للصَّوتِ الإِلهيِّ الَّذي يُحْيي بقلبي مَيِّتَ الأَصْـداءِ[/rtl]
[rtl]وأقولُ للقَدَرِ الَّذي لا ينثني عَنْ حَرْبِ آمـالي بكلِّ بَلاءِ:[/rtl]
[rtl]لا يُطْفِئُ اللَّهبَ المؤجَّجَ في دمي موجُ الأسى وعواصفُ الأَرزاءِ[/rtl]
[rtl]فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ فإنَّهُ سيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ[/rtl]
[rtl]لا يعرفُ الشَّكوى الذليلَة والبكا وضراعَة الأَطفالِ والضّعفاءِ[/rtl]
[rtl]ويعيشُ جبَّاراً يُحدِّق دائماً بالفجر .. بالفجرِ الجميلِ النَّائي[/rtl]
[rtl]واملأ طريقي بالمخاوفِ والدُّجى وزوابعِ الأَشـواكِ والحصباءِ[/rtl]
[rtl]وانْشر عليه الرُّعب وانثر فوقه رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأساءِ[/rtl]
[rtl]سَأَظلُّ أمشي رغمَ ذلك عازفاً قيثـارتي مترنِّمـاً بغنـائي[/rtl]
[rtl]أَمشي بروحٍ حـالمٍ متوهج في ظُـلمةِ الآلامِ والأَدواءِ[/rtl]
[rtl]النُّور في قلبي وبينَ جوانحي فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ[/rtl]
[rtl]إنِّي أنا النَّايُ الَّذي لا تنتهي أنغامُهُ مـا دام في الأَحيـاءِ[/rtl]
[rtl]وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ ليس تزيدُهُ إلاَّ حياةً سَطْـوةُ الأَنـواءِ[/rtl]
[rtl]أمَّا إِذا خمدت حياتي وانقضى عُمري وأخرسَـتِ المنيَّةُ نائي[/rtl]
[rtl]وخبا لهيبُ الكون في قلبي الَّذي قد عاش مِثْلَ الشُّعْلَةِ الحمـراءِ[/rtl]
[rtl]فأنا السَّعيد بأنَّـني مُتحـوِّلٌ عن عـالمِ الآثـامِ والبغضاءِ[/rtl]
[rtl]لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ وأرتوي من مَنْهَلِ الأَضـواءِ[/rtl]
[rtl]وأَقولُ للجَمْعِ الَّذين تجشَّموا هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنـائي[/rtl]
[rtl]ورأوْا على الأَشواكِ ظلِّيَ هامِداً فتخيَّلوا أَنِّي قضيْتُ ذَمـائي[sup][2][/sup][/rtl]
[rtl]وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما وجدوا ليشوُوا فوقَهُ أشلائي[/rtl]
[rtl]ومضَوْا يَمُدُّونَ الخُوَانَ ليأكلوا لحمي ويرتشفوا عليه دِمائي[/rtl]
[rtl]إنِّي أقولُ لهمْ ووجهي مُشرقٌ وعلى شفاهي بَسْمَةُ استهزاءِ[/rtl]
[rtl]إنَّ المعـاوِلَ لا تَهُدُّ مناكبي والنَّارَ لا تأتي عل أعضائي[/rtl]
[rtl]فارموا إلى النَّار الحشائشَ والعبوا يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي[/rtl]
[rtl]وإذا تمرَّدتِ العَواصفُ وانتشى بالهولِ قلْبُ القبَّةِ الزَّرقـاءِ[/rtl]
[rtl]ورأيتمـوني طائـراً مترنِّمـاً فوقَ الزَّوابعِ في الفَضاءِ النَّائي[/rtl]
[rtl]فارموا على ظلِّي الحجارةَ واختفوا خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ[/rtl]
[rtl]وهناكَ في أمنِ البيوتِ تطارحوا غَثَّ الحـديثِ وميِّتَ الآراءِ[/rtl]
[rtl]وترنَّموا مـا شئتمُ بِشَتَائمي وتجاهَروا مـا شئتمُ بعِدائي[/rtl]
[rtl]أمَّا أنا فأُجيبكمْ مِنْ فوقـكمْ والشَّمسُ والشَّفقُ الجميل إزائي[/rtl]
[rtl]مَنْ جَاشَ بالوحي المقدَّسِ قلبُه لم يحتفل بحِجَـارةِ الفلتاءِ[/rtl]
[rtl][size=15][size=15][1] الشابي، 354.[/rtl][/size]
[rtl][size=15][2] الذماء: بقية الروح في البدن.[/rtl][/size][/size]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى