قيود العقـل الإ نساني:
صفحة 1 من اصل 1
قيود العقـل الإ نساني:
في حالة الجهل بالشيء ينتهج الإنسان أسلوبين لطلب المعرفة، هما الزعم والادعاء.. لا فرق هنا بين إنسان بسيط أو مثقف سوى أن الأول يتوقف عند حدود الملاحظة والرصد ولا يتجاوزهما إلى التحليل، بينما ينبري الثاني ليؤكد معرفته خارج حدود ما يخبر وليدعي علما يجعل الشاعر يترك لنا بيتا جميلا يقول:
قل لمن يدعي في العلم معرفة عرفت شيئا وغابت عنك أشياء إن المعرفة التي ينشدها الفرد ليست دائما هي الخير والسعادة وليس صحيحا ما أطلقه المتنبي عبر مئات السنين واتخذه البعض تنفيسا لشقائه: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم فكلما اصطدم باحث المعرفة بأحد نكبات الدهر ردد البيت معزيا نفسه بأنه لا بد أن يشقى بعقله وعلمه لأن الذي لا يفكر لا يشقى. ربما كان ذلك في ما يقاس على الإنسان البدائي، فقد كان مرتاحا لأنه لم يكن يفكر في غده فما كان يزوره القلق، يتحدث (دورانت)عن قبائل البوشمان في أفريقيا ليصفهم قائلا «هم إما في وليمة عامة أو مجاعة عامة».
الرجل عندهم لا يفكر في الغد، إذا اصطاد صيدا عظيما جمع رفاقه وأكلوا ورقصوا ولن يبحثوا عن الطعام إلا إذا انتهى ما لديهم، ففي الحياة البدائية لا يوجد التكالب والنزاع حيث وحدة الجماعة في وحدة الحال والمعيشة.
ولكن هل هذه هي السعادة ألا تملك شيئا تخاف عليه؟
هل هذا تفسير العبارة الشهيرة «السعيد هو الذي لا يملك لنفسه قميصا» فهو إن أراد ولم يجد شقي بالبحث، وهو إن تحرك عقله وفكر في كيفية امتلاك القميص شقي به عندما يملكه.
هذا العقل الذي يفاخر الناس به، ونقصانه يخرج الإنسان من دائرة التقدير إلى الشفقة، هو بالأصل سجن للبشرية حيث أن له حدودا، وقد اختلف المفكرون منذ أيام الإغريق حوله كما يسجل التاريخ، فالافلاطونيون يعتبرون العقل البشري مرآة للحقيقة، بينما يرى السفسطائيون ان الحقيقة هي بنت العقل، وأيا كان مفهوم العقل أو الحقيقة فهما مقيدان بالإنسان أو هو مقيد بهما.
والعقل عند د. علي الوردي مقيد بثلاث جوانب «نفسية، اجتماعية، حضارية».
أما الجانب النفسي فقيوده هي ما ينطوي عليه العقل الباطن من عواطف واتجاهات لا يعرف لها الإنسان تفسيرا لأنه لا يعلم عنها إلا الشيء اليسير.
وقيود الجانب الاجتماعي تظهر في انتماء الإنسان لجماعة أو طبقة أو بلد ويتعصب لها، بينما نلاحظ قيود العقل الحضارية في اشتراك الجماعات في القيم والأهداف والمثل تحت أو داخل حضارة معينة.
أي حرية للعقل، وما زال بعض المفكرين بعد آلاف السنين ينادون بالجو العقلي الذي عاش فيه الفارابي وابن رشد وكأن العالم لم يتغير؟! مشكلة الفكر القديم في عدم ملاءمته للعصر الحاضر، فقد ولد ذلك الفكر ولم يكن العالم مضطربا بالحروب، مشتعلا بالانقسامات كما هو الآن... كان زمنا فيه إرادة الحاكم هي الأقوى لكنها اليوم إرادة الشعوب......
كان زمن الاستبداد وليس زمن الديموقراطية وان اختلفنا في وجودها بشكلها الصحيح والذي ربما تفجرت بداياته في زمن الإغريق كأول ديموقراطية في التاريخ بالطبع هي مختلفة عن زمننا هذا، ولكن يكفي أن الإغريق عرفوا القواعد الحرة في النظام الإداري والسياسي والقضائي. وظهر الجدل كمناخ مناسب لنشاط السفسطائيين في زمنهم والذين نهجوا إلى نشر العلوم وتعليم السياسة والمحاماة..
يبدو أن السفطائيين لم ينقرضوا، فقد ورّثوا الجدل إلى عقولنا لنعيش عبر آلاف السنين سجناء لقيود العقل الاجتماعية والحضارية ولنجد أنفسنا بعد المدنية والحضارة نعجز عن قرار التغير حينما نسمح للعقل أن يعرضه على قيوده، فنخسر بذلك تحرر الإنسان الفكري تجاه حياته التي ارتضاها، وليس تلك الحياة الموروثة وفق نسق مجتمعي قابل للتغيير وفق الإرادة الإنسانية التي سجنت مدى الحياة بمبرر العقل الإنساني.
قل لمن يدعي في العلم معرفة عرفت شيئا وغابت عنك أشياء إن المعرفة التي ينشدها الفرد ليست دائما هي الخير والسعادة وليس صحيحا ما أطلقه المتنبي عبر مئات السنين واتخذه البعض تنفيسا لشقائه: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم فكلما اصطدم باحث المعرفة بأحد نكبات الدهر ردد البيت معزيا نفسه بأنه لا بد أن يشقى بعقله وعلمه لأن الذي لا يفكر لا يشقى. ربما كان ذلك في ما يقاس على الإنسان البدائي، فقد كان مرتاحا لأنه لم يكن يفكر في غده فما كان يزوره القلق، يتحدث (دورانت)عن قبائل البوشمان في أفريقيا ليصفهم قائلا «هم إما في وليمة عامة أو مجاعة عامة».
الرجل عندهم لا يفكر في الغد، إذا اصطاد صيدا عظيما جمع رفاقه وأكلوا ورقصوا ولن يبحثوا عن الطعام إلا إذا انتهى ما لديهم، ففي الحياة البدائية لا يوجد التكالب والنزاع حيث وحدة الجماعة في وحدة الحال والمعيشة.
ولكن هل هذه هي السعادة ألا تملك شيئا تخاف عليه؟
هل هذا تفسير العبارة الشهيرة «السعيد هو الذي لا يملك لنفسه قميصا» فهو إن أراد ولم يجد شقي بالبحث، وهو إن تحرك عقله وفكر في كيفية امتلاك القميص شقي به عندما يملكه.
هذا العقل الذي يفاخر الناس به، ونقصانه يخرج الإنسان من دائرة التقدير إلى الشفقة، هو بالأصل سجن للبشرية حيث أن له حدودا، وقد اختلف المفكرون منذ أيام الإغريق حوله كما يسجل التاريخ، فالافلاطونيون يعتبرون العقل البشري مرآة للحقيقة، بينما يرى السفسطائيون ان الحقيقة هي بنت العقل، وأيا كان مفهوم العقل أو الحقيقة فهما مقيدان بالإنسان أو هو مقيد بهما.
والعقل عند د. علي الوردي مقيد بثلاث جوانب «نفسية، اجتماعية، حضارية».
أما الجانب النفسي فقيوده هي ما ينطوي عليه العقل الباطن من عواطف واتجاهات لا يعرف لها الإنسان تفسيرا لأنه لا يعلم عنها إلا الشيء اليسير.
وقيود الجانب الاجتماعي تظهر في انتماء الإنسان لجماعة أو طبقة أو بلد ويتعصب لها، بينما نلاحظ قيود العقل الحضارية في اشتراك الجماعات في القيم والأهداف والمثل تحت أو داخل حضارة معينة.
أي حرية للعقل، وما زال بعض المفكرين بعد آلاف السنين ينادون بالجو العقلي الذي عاش فيه الفارابي وابن رشد وكأن العالم لم يتغير؟! مشكلة الفكر القديم في عدم ملاءمته للعصر الحاضر، فقد ولد ذلك الفكر ولم يكن العالم مضطربا بالحروب، مشتعلا بالانقسامات كما هو الآن... كان زمنا فيه إرادة الحاكم هي الأقوى لكنها اليوم إرادة الشعوب......
كان زمن الاستبداد وليس زمن الديموقراطية وان اختلفنا في وجودها بشكلها الصحيح والذي ربما تفجرت بداياته في زمن الإغريق كأول ديموقراطية في التاريخ بالطبع هي مختلفة عن زمننا هذا، ولكن يكفي أن الإغريق عرفوا القواعد الحرة في النظام الإداري والسياسي والقضائي. وظهر الجدل كمناخ مناسب لنشاط السفسطائيين في زمنهم والذين نهجوا إلى نشر العلوم وتعليم السياسة والمحاماة..
يبدو أن السفطائيين لم ينقرضوا، فقد ورّثوا الجدل إلى عقولنا لنعيش عبر آلاف السنين سجناء لقيود العقل الاجتماعية والحضارية ولنجد أنفسنا بعد المدنية والحضارة نعجز عن قرار التغير حينما نسمح للعقل أن يعرضه على قيوده، فنخسر بذلك تحرر الإنسان الفكري تجاه حياته التي ارتضاها، وليس تلك الحياة الموروثة وفق نسق مجتمعي قابل للتغيير وفق الإرادة الإنسانية التي سجنت مدى الحياة بمبرر العقل الإنساني.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى